أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء (11) لـ خطبة الجمعة :  نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ للْحَيَاةِ

زاد الأئمة : وزارة الأوقاف تعلن رسميا عن زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لـ خطبة الجمعة القادمة حول :  نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ الْحَيَاةِ ، بتاريخ 7 صفر 1447هـ ، الموافق 1 أغسطس 2025م.

ننفرد بنشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة :  نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ الْحَيَاةِ ، بصيغة WORD

ننشر زاد الأئمة والخطباء.. الدليل الإرشادي لخطب الجمعة القادمة :  نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ الْحَيَاةِ ، بصيغة pdf

 

الإصدار الحادي عشر من سلسلة ” زاد الأئمة والخطباء: الدليل الإرشادي لخطب الجمعة”
استمراراً لما انتهجته وزارة الأوقاف مؤخراً من التيسير على السادة الأئمة والخطباء ودعماً لنماء زادهم العلمي والفكري والمعرفي نقدم هذا الإصدار من تلك السلسلة التي هي عبارة عن بحث موسع يجمع الشواهد والمعاني التي يمكن للخطيب أن يديم النظر فيها طوال الأسبوع، لتعينه على الإعداد الجيد لخطبته، وإتقان تناوله للموضوع، وزيادة عمقه وأصالته، وربط نصوص الشريعة بالواقع المعيش، حتى إذا صدرت الخطبة في موعدها المعتاد يوم الأربعاء من كل الأسبوع في صورتها النهائية المركزة المختصرة، يكون الخطيب قد هضم موضوعه وخالطه وعايشه، بما يحقق استيعاب الخطبة النهائية وأداءها على النحو المأمول.
وتهيب وزارة الأوقاف بكل أبنائها إلى التوسع في القراءة الواعية المستوعبة لكل ميادين الحياة واهتماماتها، وامتلاك الثقافة الواسعة التي تعينهم على أداء دورهم الديني الوطني على أكمل وجه.

 

ولقراءة زاد الأئمة والخطباء.. لـ خطبة الجمعة القادمة : نِعْمَةُ الْمَاءِ مُقَوِّمٌ أَسَاسَ الْحَيَاةِ ، كما يلي:

 

 بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الخطبة الأولى: نعمة المياه مقوم أساس للحياة.

الهدف المراد توصيله: التوعية بقيمة نعمة الماء وأنه أصل الحياة ووجوب الحفاظ عليه.

الخطبة الثانية: استغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.

نعمة المياه مقوم أساس للحياة.

الحمد لله الذي أنزل من السماء ماء مباركًا فأحيا به الأرض ومن عليها، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فإن من أعظم النعم التي يجب شكر الله تعالى عليها، والقيام بحقها نعمة الماء، وقد ورد ذكر “الماء” بمشتقاته في القرآن الكريم في نحو مئة وثلاث وستين مرة، وهذا يدل على عظيم قدره في حياة البشرية؛ فهو سر الوجود، وأرخص موجود، وأغلى مفقود.

هذه النعمة العظيمة التي جعلها الله تعالى أساس الحياة، ومصدر كل خير ونماء على وجه الأرض، فبالماء تحيا الأرض بعد موتها، وتنمو الزروع والثمار، وتشرب الناس والأنعام وسائر الكائنات، وبه تتطهر الأبدان والثياب.

وسوف نتعرف على نعمة الماء من خلال عدة أمور:

  • الماء أصل كل حياة

قال الله تعالى {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: ٣٠]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ} [النور: ٤٥]، أراد أن خِلْقَة كل حيوان فيها ماء، كما خلق آدم من الماء والطين؛ ولا يستثنى الجن والملائكة، بل كل حيوان خلق من الماء؛ وخلق النار من الماء، وخلق الريح من الماء؛ إذ أول ما خلق الله تعالى من العالم الماء، ثم خلق منه كل شيء. [تفسير القرطبي].

وقال الإمام الزمخشري: معناه أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس الذي هو جنس الماء، وذلك أنه هو الأصل وإن تخللت بينه وبينها وسائط، حتى الملائكة خلقت من ريح خلقها الله من الماء، والجن خلقت من نار خلقها الله من ماء، وآدم من تراب، وهذا التراب خلقه الله من ماء”. [الكشاف].

“فكل شيء حي بسبب من الماء، لا يحيا دونه، فيدخل فيه النبات والشجر والحيوان؛ لأنه من الماء صار ناميًا، وصار فيه الرطوبة والخضرة، والنور والثمر، وهذا أدل على القدرة، وأعظم في العبرة”. [محاسن التأويل، للقاسمي].

وعن سيدنا أبي هُريرةَ رَضِيَ الله عنه، قال: قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي إذا رأيتُك طابَتْ نَفسي، وقرَّتْ عيني، فأنبِئْني عن كُلِّ شَيءٍ، فقال: «كُلُّ شَيءٍ خُلِقَ مِن ماءٍ». [رواه الحاكم].

قال الإمام الجاحظ في التفاضل بين الماء وغيره من الأشربة: “فالماء يُشرب صرفًا وممزوجًا، والأشربة لا تشرب صرفًا، ولا يُنتفع بها إلا بممازجة الماء، وهو بعد طهور الأبدان، وغسول الأدران، وقالوا: هو كالماء الذي يطهر كلّ شيء، ولا ينجّسه شيء … ومنه ما يكون منه الملح، والبرد، والثّلج، فيجتمع الحسن في العين، والكرم في البياض والصفاء، وحسن الموقع في النفس”. [الحيوان ٥/ ٨١].

ويربط حجة الإسلام الغزالي بين صفاء القلب ونقاء الماء، فيقول: “ولتكن صفوتك مع الله كصفوة الماء، فاغسل وجه قلبك عن النظر إلى غير الله تعالى، واغسل يدك عن الامتداد إلى غيره، وامسح رأسك عن الافتخار بغيره”. هذه المقولة الروحية العميقة تشبه نقاء العلاقة مع الله بصفاء الماء، وتدعو إلى تطهير القلب والجوارح من كل ما يشغل عن الله تعالى.

  • الماء من أعظم نعم الله تعالى على العباد

إن نِعَمَ الله تعالى كثيرة على العباد، ومن النعم التي لا يَلتفتُ إليها كثيرٌ من الناس نعمة الماء، فكم مرة يشرب الماء في اليوم؟ وكم مرة يزيل الدرَن عنه بالماء؟ وكم مرة يتوضأ ويتطهر؟ ولأجل وجوده الدائم واستعماله المستمر لا يُقَدر الإنسان نعمة الماء حقها، وكما قالوا: لا تعرف النعم إلا عند الفقد.

حتى عُدَّ الماء من النعيم الذي يسأل عنه العبد يوم القيامة في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨]؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ – يَعْنِي: العَبْدَ مِنَ النَّعِيمِ- أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ المَاءِ البَارِدِ “. [رواه الترمذي].

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حفيًّا بتلك النعمة، يعظمها ويشكرها؛ فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» [رواه أبو داود].

ولما دخل “ابنُ السَّمَّاك على الخليفة هارون الرشيد، فاستدعى هارون الرشيد ماءً في كوز ليشرب، قال ابنُ السماك: أسألك بالله ألاَّ تشرب حتى أسألك، قال: سل، قال: بالله لو منعوك هذه الشربة، أكنت مفتديها بنصف ملكك؟ قال: إي والله- وإلا فماذا يفيد الإنسان أن يموت وملكه وراءه- فشرب، قال: أسألك بالله لو مُنعْتَ إخراج هذه الشربة، أتخرجها بنصف ملكك؟ قال: إي والله، قال: لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء وإخراجها”. [إحياء علوم الدين].

  • سُقيا الماء شفاعة لك يوم القيامة

يأتي العبدُ يوم القيامة ويجد ثواب سقيا الماء عظيما، حيث يشفع له في نجاته من النار، فعَنْ سيدنا أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَصُفُّ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفُوفًا- وَقَالَ: ابْنُ نُمَيْرٍ أَهْلُ الْجَنَّةِ- فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ اسْتَسْقَيْتَ فَسَقَيْتُكَ شَرْبَةً؟ قَالَ: فَيَشْفَعُ لَهُ، وَيَمُرُّ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ نَاوَلْتُكَ طَهُورًا؟ فَيَشْفَعُ لَهُ» [رواه ابن ماجه].

وعن سيدنا جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حَفَرَ مَاءً لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ كَبِدٌ حَرَّى [أي: لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش] مِنْ جِنٍّ وَلاَ إِنْسٍ وَلاَ طَائِرٍ إِلاَّ آجَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». [رواه ابن خزيمة].

وقال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: “حين سُئل عن أفضل الصَّدَقة، قال: الماء: “ألم تروا إلى أهل النار حين استغاثوا بأهل الجنة ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾“.

قال الإمام القرطبي تعقيبًا على الآية السابقة: “فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سَقْيَ الْمَاءِ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ: مَنْ كَثُرَتْ ذُنُوبُهُ، فَعَلَيْهِ بِسَقْيِ الْمَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ، فَكَيْفَ بِمَنْ سَقَى رَجُلًا مُؤْمِنًا مُوَحِّدًا وَأَحْيَاهُ، وَعَكْسُ هَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٍ «من امرأة عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ هِيَ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرض». [الجامع لأحكام القرآن].

وعَنْ أَنَسِ، قَالَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمَّ سَعْدٍ كَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ، أَفَيَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “نَعَمْ، وَعَلَيْكَ بِالْمَاءِ». [رواه الطبراني في الأوسط].

ولذا نهى الشارع عن منع الماء عن المحتاجين إليه، وتوعد المانعين؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ،… وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ” [متفق عليه].

وعن بَشِيرٍ الأَسْلَمِيِّ قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ – أي استقلُّوه – وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا رُومَةٌ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِعْنِيها بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ» ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي، وَلَا لِعِيَالي غَيْرُهَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَجْعَلُ لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَهُ له عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إِنِ اشْتَرَيْتُهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: قَدِ اشْتَرَيْتُهَا، وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ». [رواه الطبراني]

  • الماء مصدر من مصادر قوة الأمم

لا تعجب حين ترى أن الماء من أهم مصادر القوة للشعوب قديمًا وحديثًا، فالحضارات القديمة في معظمها إنما ترسخت جذورها في التاريخ بفضل الماء، والجيوش القوية تُعرف بوفرة مائها، فالماء جند من جنود الله تعالى، يرحم الله تعالى به من يشاء، ويعذب به من يشاء، فقد رحم الله تعالى بالماء نوحًا عليه السلام، ونجَّاه ومن آمن به على ظهر السفينة، قال تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرْ} [القمر: ١١: ١٢].

وحمل الماء سيدنا موسى عليه السلام الرضيع، وهو في التابوت، قال تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} [طه: ٣٩].

ورحم الله تعالى بالماء أيضًا قومه لما استسقوه {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: ٦٠].

ونصر الله تعالى بالماء سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكِرام يوم بَدْر، وثبتهم وربط على قلوبِهم، وطهرهم ظاهرًا وباطنًا، قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: ١١].

وعذَّب الله تعالى بالماء أقوامًا، فأغرق بالماء قوم نوح لما كفروا وخالفوا أمره، وأغرق به فرعون وجنده، قال تعالى: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: ٦٣]، وأغرق قوم سبأ بالسيل العَرِم، قال تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: ١٦].

ولم تقتصر أهمية الماء على الجانب البيولوجي فحسب، بل امتدت لتشمل بناء الحضارات وتطورها، فمنذ فجر التاريخ، استقر الإنسان حيث يتوفر الماء، وأقام المدن والحضارات على ضفاف الأنهار والينابيع، فالماء كان ولا يزال المحرك الأساسي للزراعة، التي هي أساس الأمن الغذائي، والصناعة تعتمد على الماء في عملياتها المختلفة، وتوليد الطاقة، والنقل، وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي تشكل عصب الحضارة البشرية.

إن تاريخ الحضارات العريقة، مثل الحضارة المصرية القديمة على ضفاف النيل، وحضارة بلاد الرافدين بين دجلة والفرات، وحضارة السند، كلها شواهد حية على أن الماء هو شريان الحياة للحضارات. فبدون الماء لا يمكن للمجتمعات أن تزدهر، ولا للاقتصاد أن ينمو، ولا للحياة أن تستمر على النحو الذي نعرفه.

إن هذا الارتباط الوثيق بين الماء والحضارة يلقي على عاتقنا مسؤولية عظيمة في الحفاظ على هذه النعمة، وضمان استدامتها للأجيال القادمة، فبقاء الحضارة مرهون ببقاء الماء. 

  • النهي عن الإسراف في الماء ولو في العبادة

نهى القرآن الكريم عن الإسراف في كل شيء ولو كان في الحلال، قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: ٣١]؛ وإذا كان الإسراف لِلشُّربِ مَنْهيًا عنهُ؛ فإِنَّ استعمالَه بإسرافٍ في مجالاتٍ أخرى أشد حظرًا ومنعًا.

ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإسراف الحاصل اليوم؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطَّهُورِ وَالدُّعَاءِ» [رواه أبو داود].

ونهي عن الإسراف في ماء الوضوء، وأمر بالاقتصاد في الماء ولو كان لأجل العبادة؛ فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ» [متفق عليه]، والمُدُّ مِلءُ اليدين المُتوسطتين، والمد يساوي (٦٨٧ ملليلتر ماء)، والصاع يساوي (٢.٧٥) لتر ماء.

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، فعَنْ سيدنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَالَ: «مَا هَذَا السَّرَفُ!» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟! قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» [رواه ابن ماجه].

وعَن سيدنا ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: كَمْ يَكْفِينِي مِنَ الوُضُوءِ؟ قَالَ: مُدٌّ. قَالَ: كَمْ يَكْفِينِي لِلغُسْلِ؟ قَالَ: صَاعٌ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا يَكْفِينِي. قَالَ: لَا أُمَّ لَكَ «قَدْ كَفَى مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [رواه أحمد والبزار والطبراني بسند رجاله ثقات].

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُجْزِئُ مِنَ الْوُضُوءِ مُدٌّ، وَمِنَ الْغُسْلِ صَاعٌ»، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا يُجْزِئُنَا، فَقَالَ: قَدْ كَانَ يُجْزِئُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَأَكْثَرُ شَعَرًا، يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». [رواه ابن ماجه].

  • إجراءات عملية لترشيد استخدام المياه والحفاظ عليها

– عدم ترك الصنبور مفتوحًا أثناء غسل اليدين أو تنظيف الأسنان، وفي المطابخ أثناء غسل الخضار دون إغلاق مؤقت للصنبور.

– تركيب محابس موفرة للماء (كالمحابس ذات الدفع الهوائي).

– إصلاح التسريبات فورًا، وفحص الأنابيب والحنفيات دوريًا، وإصلاح أي تسرب ولو كان قليلًا.

– استخدام الأجهزة الموفرة للمياه؛ مثل الغَسّالات وغسالات الأطباق ذات الكفاءة العالية في استهلاك الماء.

– تجميع مياه الأمطار أو مياه الغسيل الخفيفة؛ لاستخدامها في تنظيف الأرضيات أو ري النباتات.

– تقليل استخدام الماء في تنظيف السيارات، وذلك باستخدام دلو وإسفنجة بدلًا من الخرطوم الجاري.

– التقليل من رش الحدائق بالماء، وذلك بالري في الصباح الباكر أو المساء، بدلا من وقت الظهيرة، لتقليل التبخر.

– استخدام طرق الري الحديثة مثل الري بالتنقيط.

– نشر ثقافة الترشيد بين الطلاب في المدارس والجامعات، والموظفين في المؤسسات، والمصلين في المساجد.

– تركيب صنابير موفرة للمياه في أماكن الوضوء.

– تشجيع الابتكارات في تحلية المياه واستثمار مياه الأمطار.

– الإسراف في الماء ليس فقط مخالفة شرعية، بل له آثار سلبية على الموارد والبيئة.

– عدم إلقاء القاذورات في نهر النيل والترع المتفرعة منه، فإن هذا ذنب عظيم وجرم كبير، وأذى للمسلمين.

اللهم أدم علينا نعمك، وأنزل علينا من خيرك الدائم، وارزقنا شكر نعمتك، إنك جواد كريم آمين.

الخطبة الثانية 

استغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلّمه، وأكرمه بالوقت ليغتنمه، وجعل كل لحظة من عمره رأس ماله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه، أما بعد:

فإننا نعيش هذه الأيام إجازةً صيفيةً نريد استغلال وقتها؛ فالفراغ في الإجازة الصيفية فرصة لا تُعوّض لبناء النفس والروح والعقل والجسد، وفيما يلي إجراءات عملية تعيننا على استغلال هذا الوقت استغلالًا نافعا لبناء الإنسان:

– استغلال وقت الفراغ بشكل إيجابي يعود بالنفع الديني والدنيوي.

–  استغلال الوقت في تنمية المهارات؛ كلٌّ في مجاله الذي يحبه ويرغبه.

– الاعتناء والاهتمام بالقرآن الكريم، حفظا وفَهمًا، مع تدبر معانيه.

– المحافظة على الصلوات في المسجد جماعة، فهي مدرسة الانضباط.

– قراءة الكتب النافعة في السيرة النبوية، والتاريخ، والثقافة العامة، أو اللغة أو المهارات.

– الاشتراك في دورات علمية عن بُعد أو حضوريًا في اللغة، والبرمجة، أو غيرها.

– ممارسة الرياضة بانتظام، كالمشي أو السباحة أو غيرها.

– الاهتمام بالتغذية الصحية والنوم المنتظم.

– تقليل الجلوس الطويل أمام الشاشات، حفاظًا على الصحة الجسدية والنفسية.

– صلة الرحم وزيارة الأقارب.

– مساعدة الوالدين في المنزل أو العمل، فهي عبادة خفية.

– المشاركة في عمل تطوعي أو خدمة مجتمعية، تطهّر النفس وتقوّي الانتماء.

– الاشتراك في أنشطة جماعية نافعة؛ كالمسابقات، المعسكرات، والورش التعليمية.

– قضاء أوقات للترويح عن النفس في النوادي والأماكن العامة، بشرط مراعاة الضوابط الدينية والأخلاقية خصوصًا في التعامل بين الجنسين؛ فلا يجوز التساهل في التلامس أو الـمِزاح الخارج عن حدود اللياقة، أو الـخَلْوة، وكذلك التزام الجِدّية والانضباط في الكلام.

–  التحذير من الاستخدام المفرط للألعاب الالكترونية والسوشيال ميديا.

اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأقواتنا وأولادنا، يا رب العالمين

 

 

 _____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: ahmed_dr.ahmed@yahoo.com رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى